الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدهش في المحاضرات ***
آه لنفس أقبلت على العدو وقبلت، وبادرت إلى ما يؤذيها من الخطايا وعجلت، من لها إذا سئلت عن قبيحها؟ فخجلت، وسل عليها سيف العتاب. فقتلت. ما لنفسي عن معادي غفلـت *** أتراها نسيت ما فـعـلـتْ أيها المغرور في لهو الهوى *** كل نفس سترى ما علمـتْ أفٍ للدنيا فكم تـخـدعـنـا *** كم عزيز في هواها خذلتْ رُبَّ ريح لأناس عصـفـت *** ثم ما إن لبثت أن سكـنـتْ فكذاك الدهر في تصريفـه *** قدمٌ زلت وأخرى ثـبـتـت أين من أصبح في غفلـتـه *** في سرور ومرادات خلـتْ أصبحت آماله قـد خـيبـت *** وديار لهوه قـد خـربـتْ جُز على الدار بقلبٍ حاضرٍ *** ثم قل يا دار ماذا فعـلـت أوجه كانت بدوراً طـلـعـاً *** وشموساً طال ما قد أشرقت قالت الدار تفانوا ومـضـوا *** وكذا كل مقـيم إن ثـبـت عاينوا أفعالهم في تربـهـم *** فسل الأجداث عما استودعت إنما الـدنـيا كـظـل زائل *** أو كأحلام منـام ذهـبـت يا من هو في هوة الهوى قد هوى، كم مسلوب بكف النوى عما نوى، أين المستقر عيشه؟ أدركه التوى فالتوى، أين الجبار الذي إذا علق بالشوى شوى، أين شبعان اللذات أدركه الطوى لما طوى ليته لما ذهب بالأصل، تيقظ للفرع، فارعوى، إلى متى خلف ووعد الدنيا كله خلف. يا متعباً نفسه بالحرص، والقدر ما يتغير، الراضي صرفه، كم غرقت سفينة مهجة في لجة حرص، الطمع يخنق العصفور قبل الفخ، لما قنعت العنكبوت بزاوية البيت، سيق لها الحريص وهو الذباب، فصار قوتاً لها، وصوت به لسان العبرة. رب ساع لقاعد، ترسل قلبك مع كل مطلوب من الهوى، ثم تبعث وراه وقت الصلاة ولا يلقاه الرسول، فتصلي بلا قلب. خلفتَ قلبكَ في الأظعـان إذ نـزلـت *** بالملزمين زمان النفـر بـالـنـفـرِ ورحتَ تطلب في أرض العراق ضحى *** ما ضاع عند منى فاعجب لذا الخبـر لما طرقنا النقي كان الفـؤاد مـعـي *** فضل عني بين الضـال والـسـمـرِ يا أرجل العيس تُهنيكِ الرمـال فـمـا *** أغدو بوجدي غـداً إلا عـلـى الأثـرِ إذا تذكرت زمانـاً مـضـى *** فويح أجفاني من أدمـعـي أراجع لي وصلهم بعـدهـا *** يا نفس إن لم يصلوا ودعي يا نفس كم أتلو حديث المنـى *** ضاع زماني بالمنى فاقطعي يا قلب لا تسكن على بعدهـم *** وأنت يا عين فلا تهجـعـي أخواني ألا ذو سمع وبصر يعلم أن الأعمار فيها قصر، إلا متلمح ما في الغير من العبر إلا ذاكر بيت التراب والمدر. تنبه فإن الدهـر ذو فـجـعـات *** وشمل جميعٍ صائر لـشـتـاتِ تخلف مأمـولاتـنـا وكـأنـنـا *** نسير إليها لا إلى الـغَـمَـراتِ هل المرء في الدنيا الدنية ناظـرٌ *** سوى فقد حب أو لقاء مـمـاتِ وما حركات الدهر في كل طرفةٍ *** بلاهيةٍ عن هذه الـحـركـاتِ سيُسقى بنو الدنيا كؤوس حتوفهـم *** إلى أن يناموا لا منـام سـبـاتِ وما فرحتْ نفسٌ ببلوى وقد رأت *** عظاتٍ من الأيامِ بعد عـظـاتِ إذا بغتتْ أشياء قد كان مثـلـهـا *** قديماً فلا تعتـدهـا بَـغَـتـاتِ واعقب من النوم التيقـظ راشـداً *** فلا بد للنـوّام مـن يقـظـاتِ يا من يجول في المعاصي، قلبه وهمه، يا معتقداً صحته، فيما هو سقمه، يا من كلما طال عمره، زاد إثمه، أين لذة الهوى؟ رحل المطعوم وطعمه. يا من سيجمعه اللحد عن قليل، ويضمه، كيف يوعظ من لا يعظه عقله ولا فهمه؟ كيف يوقظ من قد نام قلبه لا عينه ولا جسمه؟ ويحك تدارك أمرك قبل الفوت، أتنفع الاستغاثة؟ والسم قد وصل إلى القلب. إن الدرياق يصلح قبل اللسع، ومذهب ابن سريح يستعمل قبل الطلاق. لمن أُحدّث والقلب غائب، لمن أُعاتِب والفكر ذاهل، وآسفاً من ضرب الخراج، على بلد الخراب، ويحك، أجمادٌ أنت أم حيوان؟ هذا الفهد على خساسة خلقه يصاد بالصوت الحسن، ومتى وثب على الصيد ثلاث مرات ولم يدركه، غضب على نفسه، كم قد وثبت على هواك مرة فلم تقدر عليه، فأين غضبك على التقصير، هيهات ليس عند الطاوس إلا حسن الصورة، تفيق في المجلس لحظة ثم تذكر الشهوات فيغمى عليك، إن الغراب إذا سكر بشراب الحرص تنفل بالجيف، فإذا صحا من خماره ندب على الطلل، لما عزت نفس الببغاء زاحمت الآدمين في النطق، وهي تتناول بكفها من جنس مطاعمهم. واعجباً لبهيم يتشبه بالناس، ولإنسان يتشبه بالبهيم، كل هذا سببه الهمة، لا يطمعن البطال في منازل الأبطال، إن لذة الراحة لا تتناول بالراحة، من زرع حصد ومن جد وجد. وكيف يُنال المجد والجسم وادعٌ *** وكيف يُحاز الحمد والوفر وافرُ أي مطلوب ينال من غير مشقة؟ وأي مرغوب لم تبعد على مؤثره الشقة؟ المال لا يحصل إلا بالتعب، والعلم لا يدرك إلا بالنصب، واسم الجواد لا يناله بخيل، ولقب الشجاع بعد تعب طويل. للمتنبي: لا يدرك المجد إلا سيداٌ فطن *** لما يشق على السادات فَعّال لولا المشقة سادَ الناسَ كلهم *** الجود يُفقرُ والأقدام قَتّـال يا أعجمي الفهم، متى تفهم؟ يا فرحاً بلذة عقباها جهنم، ستدري متى تبكي ومتى تندم، إذا جثا الخليل، وتزلزل ابن مريم، يا عاشق الدنيا كم قتلت متيم؟ ما للفلاح فيك علامة، والله أعلم، إن كان ثم عذر، فقل وتكلم، غاب الهدهد من سليمان ساعة فتواعده، فيا غائباً عنا طول عمره، أما تحذر غضبنا؟ خالف موسى الخضر، في طريق الصحبة ثلاث مرات، فحل عقدة الوصل بكف "هذا فراق بيني وبينك" أما تخاف يا من لم يف لنا قط، أن نقول في بعض زلاتك "هذا فراق بيني وبينك". أعظم عذاب أهل النار جهلهم بالمعذب، لو صحت معرفتهم بالمالك، لما استغاثوا يا مالك، وقع بينهم شخص، ليس من الجنس، كانت في باطنه ذرة من المعرفة، فكلما حملت عليه النار، اتقاها بدرع يا حنان يا منان، كان موته في المعاصي سكتة، فقبر في جهنم، فلما تحرك الروح في الباطن أخرج، رأى الأسباب بيد المسبب، فتعلق بالأصل، أخواني، اليوم رجاؤنا للرحمة قوي، فكيف نصنع غداً؟ إن ضعف. هذا جزعي وما خلا مغناكم *** ما أصنع بعد بعدكم حاشاكم أقسمت بكم لكم وحسبي ذاكم *** لا أذكر غيركم ولا أنساكم على تفصيل الأمور والجمل، ما يرضى للقبر، بهذا العمل، يا من قد حمل الخطايا، وبئس ما حمل، أفي سكر أنت أم في نمل؟ لو علمت أن مكاوي الحديد، قد أحميت للسمل، لم تفرق من اللباس بين الجديد والسمل، يا ثقيل الطبع كالرمل، فما يطربه الثقيل ولا الرمل، تعصي ثم تصر، فتضيف إلى صفين الجمل، يا من قد فقد قلبه لا تيأس من عوده. فقد يجمع الله الشتيتين بعدما *** يظنان كل الظن ألا تلاقيا الهوى قاطن، والصواب خاطر، وقلع القاطن صعب، وإمساك الخاطر أصعب، الهوى متدير، والمواعظ نزالة، ومع مداراة الجمل تصل، لما تزينت زخارف الدنيا، تواثبت جهال الطبع لاتّباع الهوى فبعث العقل كافاً لهم، فأقام عندهم، موكلاً بهم، وكلما زاد في قيودهم فكوا السلاسل، وكلما تلا عليهم النصائح، أسمعوه القبائح. فواعجباً لمعرف، بلى بمقاساة أنذال، ما يزال العقل يضرب الأمثال، ويشرح العواقب، ولكن من يسمع؟ أحضر معه في خلوة، واستحضر صديق الفكر فإنه ثقة، فإن خرجتم إلى المقابر قوي دليل النصح، مروا بقصور المذنبين، تجدوا أخبارهم مراً، وجوزوا على قبور الصالحين، فقد جوزوا في العاجل ذكراً، إذا مات المؤمن بكى عليه مصلاه من الأرض، ومصعد عمله من السماء، أربعين صباحاً، واعجباً للبقاع، تبكي عليهم، وتبكي منهم. أما الوقوف فقد وقفتُ بدارهم *** وسألتُها لو أنّ داراً تفـهـمُ وإذا رأيتُ طلولهم أبصرتُهـا *** طرساً يخط به البلى وينمنـمُ نحلت لبينهم ولم أكُ عـارفـاً *** أن الديار بهم تصح وتسقـمُ يا له من عذل، لو كان للمعاتب فهم، لحم منه والله لو كان فحم. للشريف الرضي: والحر من حَذر الهوان *** يُزايل الأمر الجسيما والعاجز الـمـأفـون *** أقعدُ ما يكون إذا أقيما العبارات حظ النفوس، والإشارات قوت القلوب، نزل بعض أرباب المعرفة، إلى الشط فصاح: يا ملاح تحملني، فقال: إلى أين؟ قال إلى دار الملك، فقال: معي ركاب إلى القطيعة، فصاح الفقير: لا بالله لا بالله، أنا منذ سبعين سنة. أفر منها، دخل ذو فطنة إلى دار قوم، فرأى حباً. وإلى جانبه مركن. قد زرع فيه صبر، فتواجد فقال حب إلى جانبه صبر. يا نازلين الحمى رفقاً بقلب فتـى *** إن صاح بالبين داع باح مضمره وقد يميل إلى المغنـى يسـائلـه *** أخو الغرام ولكن من يخـبـره وما ذكرتكم إلا وهمـت جـوى *** وآفة المبتلي فـيكـم تـذكـره ولا عزمت على سلوان حبـكـم *** إلا ويخذلني قلبـي وينـصـره أين الذين كانوا نجوم الدنيا وأقمار الآخرة، قياماً كالأعلام. على جواد الهوى، تقوى بأنفاسهم: نفوس أنفاس أهل التقوى، يصوتون بالمنقطع، ويرشدون المتحير، ما بقي في الديار ديار. نسيم الصبا إن زرت أرض أحبتي *** فخصهم عـنـي بـكـل سـلام وبلغهـم أنـي رهـين صـبـابة *** وأن غرامي فـوق كـل غـرام وإني ليكفيني طروق خـيالـهـم *** لو أن جفوني متعـت بـمـنـام ولست أبالي بالجنان وبالـلـظـى *** إذا كان في تلك الديار مقـامـي وقد صممت عن لذات دهري كلها *** ويوم لقاكم ذاك فطر صـيامـي رحل القوم وتخلفنا، وبادروا أيامهم وسوفنا، وعرفنا طريقهم لكنا انقطعنا، فسيروا بنا، فإن لحقنا وإلا تأسفنا. يا صاحبي إن كنت لي أو معي *** فعد إلى روض الحمى نرتعِ حي كثيب الرمل رمل الحمى *** وقف وسلم لي على لعـلـعِ وسل عن الـوادي وأربـابـه *** وانشد فؤادي في ربى المجمعِ وابك فما في العين من فضله *** ونب فدتك النفس عن مدمعي واسمع حديثاً قد روته الصبـا *** تسنـده عـن بـانة الأجـرع وانزل على الشيح بـواديهـم *** واشمم عشيب البلد البلـقـع بلغ تحياتي إلـى ربـعـهـم *** وقل ديار الظاعنين اسمعـي رفقاً بنضو قد بـراه الأسـى *** يا عاذلي لو كان قلبي معـي لهفي على طيب ليال خـلـت *** عودي تعودي مدنفاً قد نعـي أزعجتموني بتقلقلكم، يا تائبين، أخرجتموني عن الحد، يا خائفين. يا صبا نجد ويا بان الحمـى *** ارفقا بي في التثني والهبوب يتقومون بمقالي، ويقومون على حر المقالي، ويخرج عاطل البطالة وهو خالي، وأنا أدري ما حالي "إنما أشكو بثي وحزني إلى الله". يا غادياً نحو هضاب الحمى *** بلغ رسوم الدار ما عندي كم لي بتلك الدار من وقفة *** أشكو من الهجران والصد يا ركب التوبة إن تزودتم فالتقوى وسرتم إلى الله فاحملوا معكم رسالة متلهف يحتوي على حسرة محصر. يا حادي العيس ترفق واستمع *** مني وبلغ إن وصلت عنـي وقف بأكناف الحجاز ناشـداً *** قلبي فقد ضاع الغداة منـي وقل إذا وصلت نحو أرضهم *** ذاك الأسير موثق بالحـزن عرض بذكرى عندهم عساهم *** إن سمعوك سائلوك عـنـي قل ذلك للمحبوس عن قصدكم *** معذب القلـب بـكـل فـن يقول أملـت بـأن أزوركـم *** في جملة الوفد فخاب ظني يا معاشر التائبين بحرمة الصحبة، لا تنسوني غداً بعتكم أغلى الملك فلا تنسوا كرامة الدلال، أعوذ بك يا إلهي أن تجعل حظي لفظي وآأسفي أصف واصفي ويشرب غيري. فعندي زفير ما ترقى إلى الحشى *** وعندي دموع ما بلغن المـآقـيا واحسرتا، أأكون كالقوس رفعت السهم فمر ولم تبرح؟ أأصبر كالإبرة تكسو غيرها وهي عريانة؟ أأشبه حال الشمعة أضاءت غيرها باحتراق نفسها؟. أترى يرجع لي دهر مضى *** أترى ينفعني قولي تـرى ويك يا عين أعيني قلـقـي *** إن توانيت فلا ذقت الكرى إلهي أيقظتني في الصبا؟ وأقمتني أدل الخلق عليك ومزجت كأس نطقي بعذوبة وجعلتني في أخباري معروفاً بالأمانة فركن إلي أهل المعاملة ولو عرفوا إفلاسي ما عوملت، إلهي طال ما اجتذبت العصاة بعد أن تهافتوا في النار أفيصدرون وارد؟ سيدي إن لم أصلح للرضا فالعفو العفو. أخواني: أما ينبه على استعداد الزاد؟ سلب الآباء وأخذ الأجداد أما يحرك إلى التيقظ؟ ونفي الرقاد عكس المشتهى ورد المراد. للشريف الرضي: لنا كل يوم رنةٌ خـلـف ذاهـبِ *** ومستَهلكٍ بين النوى والـنـوائبِ ونأمل من وعد المُنى غيرَ صادق *** ونأمن من وعد الردى غير كاذب نُراع إذا ما شيك أخمص بعضنـا *** وأقدامُنا ما بين شوكِ العقـاربِ نعمْ إنما الدنيا سمـومٌ لـطـاعـمٍ *** وخوفٌ لمطلوبٍ وهمٌّ لطـالـبِ وإنا لنهواها مع الغدر والقِـلـى *** ونمدحها مع علمنا بالمـعـائبِ أي مطمئن لم يزعج؟ أي قاطن لم يخرج؟ فرس الرحيل لنا سرج وما جرى على الأقران أنموذج، يا مختالاً في ثوب الصبا معجباً بمرطه، شرط المقام الرحيل وقد تقاضى بشرطه أما لك نبرة في رفع الزمان وحطه، أما ترى رقوم المنايا مكتوبة بخطه، أما أعرب المسطور بشكل المرض ونقطه، هلا تصور العاصي ساعة إنزاله القبر وحطه، أفلا يتذكر الغني أخذ ماله على رغمه ومن أصل قرطه. يا من قد قاده الهوى بلا خزامة، لو قبلت مشورة العقل لم تتجرع مر لو وليت قدر. إن الزلل يخفى على الخلق "ألا يعلم من خلق" صور إنه قد عفا عنك فأين الحياء مما جنيته؟. هب البعث لم تأتنا رسلـه *** وجاحمة النار لم تضـرم أليس من الواجب المستحق *** حياء العباد من المنـعـم أقل نعمه أن أوسع عرصة الوجود لئلا يضيق نفس النفس بالحصر وأجرى مجرى الهواء في جو الفضا يقتسم بمكاييل الخياشيم فيصل بالعدل إلى ذوات الذوات. واعجباً للغافلين عن هذا المنعم بماذا اشتغلوا؟ أجهلاً بوجوده؟ فهو أوضح من ضحى أم ميلاً إلى الدنيا؟ فهي أغدر من تاء بتمتام إن سلمت فتنت وإن تلفت قتلت، وقع نحل على لينوفر منتشر الورق فاحب ريحه فلما تقبض الورق وغاص، هلك العاشق. أخواني: إياكم والذنوب فإنها أذلت عزيز "اسجدوا" وأخرجت مقطع "اسكن" لولا لطف "فتلقى" كان العجب، استراح آدم إلى بعض العناقيد، فإذا به في العناقيد، جاءه جبريل فسلم عليه فبكى وبكى جبريل ثم قال يا آدم ما يبكيك؟ قال: كيف لا أبكي وقد حولني من دار النعيم إلى دار البؤس، واعجباً بمجيء جبريل زاد المريض ألماً. آه لبرق لـمـعـا *** ماذا بقلبي صنعـا أيقظ مني للغـرام *** مستهاماً موجعـا فبت من إيماضـه *** أسكب دمعي دفعا يا برق أما ترينـي *** للصنيع موضعـا فحيى عني أربعـا *** أكرم بهن أربعـا يا ناظراً أقسم مـن *** بعد النوى لا هجعا كبر مذ فارقـهـم *** على الرقاد أربعا كم كبد قطعـهـا *** بين الحبيب قطعا حمل وجدي جلدي *** أكثر مما وسعـا خرج آدم يوم الكعبة فلما وصل طاف أسبوعاً فما أتمه حتى خاض في دموعه. دموع عيني مذجـد بـين *** مثل الدوالي وهي الدوالي فشمت به إبليس حين نزل وما علم أن نزوله إلى دار التعبد صعود كنزول الغائص خلف الدر صعود. رأى في بدايته طيناً قد صلصل وبذراً قد عفن ونسي أنه ستهتز طاقاته في ربيع "فتلقى" ويلك يا إبليس ما جرى على آدم وهو المراد من وجوده، "لو لم تذنبوا" قدح أريد كسره فسلم إلى مرتعش. فلولا غليل الشوق أو لوعة الأسى *** لما خلقت لي أعـين وجـفـون لا يهولنك قوله "اهبطوا منها" فلك خلقتها وإنما أخرجت إلى مزرعة المجاهدة فإذا حصدت فعد إن قيل لك مرة "اهبط" ففي كل يوم تنادي ألف ألف مرة "والله يدعو إلى دار السلام" إن تعذرت عن الحضرة مرة فزيارة الحبيب ما تنقطع "هل من سائل" الكرة تلقى من صاحب الصولجان بالطرد ثم هو يطلبها. ترجو في المحب عتق من أنت له *** إن كان كذا الحب فما أعـدلـه هيهات الحـب يعـتـريه ولـه *** من حكمه قضى عـلـيه ولـه يا آدم، قد ذقت حلاوة الذنب وتطعمت مرارة الندم، فهل وفت بتلك؟ أين لذاتك؟ إذا نزل الموت كيف حسراتك؟ إذا وقع الفوت: ما أسرع ما انقضى زمان الوصل *** هل يرجع ما مضى برد الشمل من لي بهم وهل مفيد مـن لـي *** يكفي ما بي فلا تزد في عذلـي يا صبيان التوبة اشكروا من نجاكم بالإنابة "وكنتم على شفا حفرة من النار" تذكروا عظمة من عاهدتم "ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها" لا تزدروا أثواب الفقر فعليها أنوار المهابة "ولكم فيها جمال حين تُريحون وحين تسرحون" لا يصعبن على الخيل تضميرها فستفرح به يوم السباق إن قال لك رفقاؤك: امش معنا ساعة، فقل: أقعدني الخوف. يا نديمي صحا القلب صحـا *** فاطردا عني الصبا والمرحا شمرا بردى للـنـسـك ولا *** تعجبا من فاسد إن صلحـا زجر الحلم فؤاداً فارعـوى *** ولحا الدهر امرءاً فيمن لحا أيها التائب قل لقلبك الراعي في رياض الهدى، احذر من الفتنة إلى خضراء دمن الهوى، فمرعاك أطيب، وشرابك أعذب "ولئن لم يفعل ما أمره ليُسْجَنَنَّ" نسيم الريح يقوي الروح ما لم يختلط به بخار ردى كذلك كلام المذكرين إذا سلم من بدعة كان قوتاً للنفس وإن مازجه هوى هوى بصاحبه إلى العلل. كلامي نهر يأخذ من بحر الكتاب والسنة، صاف ما تغير قط، يسقي قلوبكم سيحاً بلا كلف وقد قنع من الخراج بالدعا هل في مجلسي نقص؟ فيقال لو أنه أو عيب، فيقال إلا أنه أو رأيتم مثله؟ فيقال كأنه، آه لو كان من أعجمي ولكنه أبلغ بلفظي منزل المعنى وما طال سفر العبارة، المعاني واسعة الفيافي والألفاظ ضيقة العراص وما يقدر على حشو العرصة فوق ما تسع إلا مهندس لآلئ هذه المعاني لطاف. فأي سلك فهم دق انتظمت فيه وغنما ينظم اللؤلؤ في خيط لا في حبل، كلامي ثوب فصل على قدر أسماعكم فهو لا يصلح إلا لكم، لا تنكروا مدحي لأهل بغداد فهم فهم، ألهذا البلد بدل؟ إذا مرضت الأفهام السليمة من وباء طعام العبارات الركيكة عمل لفظي في شفائها ولا رقي الهند كلم تداوى كل كلم ظلم، قياسها بعذوبة الظلم. جواهر كلهـا يتـيم *** توجد مفقودة المثال تجنب الغائصون عنـهـا *** عجزاً وجاشت بحارها لي يا ديار الأحباب أقوى جديدها، أين أسودها؟ أم أين غيدها؟ أين ظباء الهوى؟ مرت ومن يصيدها، تساوى في القبور مواليها وعبيدها، قف يا حبيبي بالرسوم وانظر نسخ النسيم بالسموم وتبديل الأفراح بالغموم، هيهات إن الدنيا لا تدوم إنها على قتلك تحوم. إيثار مثل هذه لوم. للخفاجي: سل بعمدان أين ساكـنـه أو *** قل لنعمان أين أين السـدير أيها الظاعنون لا زال للغـيث *** رواح علـيكـم وبـكـور قد رأينا دياركـم وعـلـيهـا *** أثر من عفائكم مـهـجـور وسألنا أطلالكم فـأجـابـت *** ومن الصمت واعظ ونـذير عجباً كيف لم نمت في مغانيها *** أسى ما القلوب إلا صخـور يا ديار الأحباب غيرك الدهر *** وكانت بعد الأمـور أمـور أيها الباكي على أقاربه الأموات، ابك على نفسك فالماضي قد فات وتأهب لنزول البلايا وحلول الآفات وتذكر قول من إذا ذكرك قال مات، كأنك بما أتى الماضين قد أتاك، ولقد صاح بك نذيرهم، أنت غداً كذاك، وليخرسن الموت بسطوته فاك، إذا وافاك إنما اليوم لهذا وغداً لذاك، قرئ على قبر أنا في القبـر وحـيد *** قد تبرا الأهل منـي أسلموني بـذنـوبـي *** خبت أن لم تعف عني يا هذا: لاحت الغاية لعين الشيب فصح بخيل البدار مرحلة الشيب تحط على شفير القبر، وقد أنجد من رأى حضناً، أتحمل مشاق السفر من وراء النهر وتخاطر بالوقفة من نخلة. يا هذا إذا ركبت مركب الهوى فاجعل باتاني المركب لمحاسبة النفس فإنه يشم كل يوم ريح ثرى الأرض فيعلم هل هو على خطأ أو صواب؟ ومتى لم يعلم الطريق صدمه حجر فغرق. يا من يحدث وكأنه ما يسمع، متى لم ينصت سمع القلب ضاع الحديث، أترى ينطبع في شمع سمعك من هذا حرف، تحضرون المجلس فرجة؟ وتجعلون رجاء النفع حجة ولا تسلكون إلى العمل محجة "وما أُبرِّئ نفسي" واعجباً، تجتمع العزائم في المجلس اجتماع الثريا فإذا خرجنا صارت كبنات نعش لو تأملتم عيب الدنيا لهان طلاقها: سرور الدهر مقرون بحزن *** فكن منه على حذر شـديد ففي يمناه تاج من نضـار *** وفي يسراه قيد من حـديد آه للدنيا ملكت القلب حين ملكت وأبقت الغم ثم أبقت. تزودن منا كل قلب ومهجة *** وزودننا للوجد عض الأباهم كم تألفت بحلو مذاقها ثم أتلفت بمر فراقها. فليت عهدك إذ لم يبق لي أبـداً *** لم يبق عندي عقابيلاً من السقم لما كان الصانع غائباً عن الإحساس سطرت قدرته في ألواح التكوين عجائب الكائنات ثم وضعت الألواح في حجور العقول ليقرأها أذهان أطفال الطباع فإذا أحذق الصبيان وحفظ المكتوب محا السطور "إذا الشمس كُوِّرتْ وإذا النجوم انكدرتْ". أخواني: عيون يقينكم رمدة والفكر تبريد، من أيقن بالموت كيف يفرح؟ من علم قرب الحساب كيف يلهو؟ من عرف تقليب القلوب كيف يأمن؟. كان سفيان الثوري من شدة خوفه يبول الدم فحمل ماؤه إلى الطبيب فقال هذا ماء رهبان هذا ماء رجل قد فتت الحزن كبده، وحمل ماء سري إلى الطبيب فلما نظر إليه قال هذا بول عاشق قال حامله فسقطت ثم غشي علي ثم رجعت إلى سرى فأخبرته فقال قاتله الله ما أبصره: إذا أنا واجهت الصبا عاد بردها *** ومن حر أنفاسي عليه لهـيب وقد أكثرت في الأطباء قولهم *** ومالي إلا أن أراك طـبـيب قيل لبعض عقلاء المجانين لم سميت مجنوناً؟ قال لما طال حبسي عنه في الدنيا سميت مجنوناً لخوف فراقه: قلبي بحبك مـا يفـيق *** وجفن عيني مـا ينـام قد طال فيك الليل حتى *** ما يقال له انـصـرام والنـجـم فـيه راكـد *** والفجر يمنعه الظـلام ليل بـغـير نـهــاية *** ولكل مفتـاح خـتـام في وصلك العيش الهني *** وهجرك الموت الزؤام إن لم تكن مع القوم في السفر تلمح آثار الحبيب عليهم وقت الضحى، ترى في صحائف الوجوه سطور القبول بمداد الأنوار وجوه زهاها الحسن أن تتبرقعا. قال بعض السلف: لقيت غلاماً في طريق مكة فقلت له: أما تستوحش؟ فقال إن الأنس بالله قطع عني كل وحشة، قلت: فأين ألقاك؟ قال: أما الدنيا فلا تحدث نفسك بلقائي وأما الآخرة فإنها مجمع المتقين. قلت: فأين أطلبك في الآخرة؟ قال: اطلبني في جملة الناظرين إلى الله تعالى. قلت: وكيف علمت؟ قال: بغض طرفي عن كل محرم واجتنابي فيه كل منكر ومأثم وقد سألته أن يجعل جنتي النظر إليه ثم صاح وأقبل يسعى حتى غاب عن بصري. للشريف الرضي: وما تَلَوَّم جسمي عن لقـائكـمُ *** إلا وقلبي إليكم شيقٌ عَـجِـلُ وكيف يقعد مشتاقٌ يحـركـهُ *** إليكم الحافزان: الشوق والأملُ فإن نهضت فمالي غيركم وطرٌ *** وإن قعدت فمالي غيركم شُغُلُ وكم تعرض لي الأقوام بعدكـم *** يستأذنون على قلبي فما وصلوا
|